كذبة نيسان

 كذبة نيسان

ذكر أن أحد الفرنسيين إبان الثورة الفرنسية، أعلن عن مزاد كبير لبيع مجموعات من الحمير النادرة والمتميزة . ذلك في أحد الميادين العامة بباريس ، وحدد الموعد بغرة شهر أبريل . ولما حل الموعد تجمع الناس من كل حدب وصوب ، واحتشدوا مبكرين بالميدان المذكور . وعاشوا انتظارا طويلا مملا ، وتبادلوا أطراف الحديث حول التجمع ودواعيه ونتائجه . فجأة  طلع عليه أحدهم من إحدى العمائر الشاهقة بمكبر الصوت ، مرحبا بهم ، شاكرا تلبيتهم الدعوة ، ومهنئا بهذا الاجتماع الحاشد من أجل الحمير ، ليعلمهم بأنه لاحمير . ولا شراء ولابيع ، وأنها كذبة بيضاء ، فعرفت منذ ذلك الحين بإسم كذبة نيسان . علما بأن فاعلها الأول لم يعرفه أحد ، إذ إنه اختفى بسرعة عن الأنظار .



ومن بعض الأكاذيب المتعلقة بالحمير إيضا

أن صديقين كانا مسافرين على حمار ، وفي طريقهما مرض الحمار ومات ، فقاما بدفنه . واحتارا في أمرهما ، فقد كانا يستعملانه للركوب ونقل أمتعتهما ، وكانا ينويان الاشتغال عليه بالبلد الذي يقصدانه . فأقاما فترة يفكران ، ثم عنت لهما فكرة غريبة ، سرعان مانهضا إلى تنفيذها .

تتخلص في إقامة ضريح على قبر الحمار بدعوى أنه قبر رجل صالح ، وولي من أولياء الله ، وإشاعة أن زيارته تجلب البركة ، وتدفع الضر ، إلى غير ذلك الأكاذيب . وصدقهما العامة ، وأقبلوا عليهما دون حدود . وقسما العمل بينهما ؛ على أن يمثل أكبرهما دور الشيخ الوسيط ، ويقوم أصغرهما بإستقبال الزوار ، واستعلام أحوالهم ، ومن ثم تسريبها إلى الشيخ للإفادة منها في مفاجأة الزائرين والتأثير عليهم . ومرت الأيام على هذا النحو ، وأخذا ثروة كبيرة ، وملأ الطمع نفسيهما ، واتهم أحدهما الآخر بأخذ حصة أكثر من الدخل .

فقال المتهم مطمئنا صاحبه : أحلف لك برأس سيدي حمران ( يقصد الحمار الدفون ) أنني صادق في تعاملي معك. فقال الآخر : على مين ؟ ( نحن دافنينو سوا ) أي : أننا نعرف جميعا أن لا ولي أساسا ، وأنه لايوجد تحت القبة غير عظام الحمار. صار حالهما مثلا يضرب لكل حالات الكشف عن الرجل ورده . بخاصة بين السابقين المشتركين في الشأن الواحد ونحن طبعا لانلوم الحمير على كونها في مثالينا السابقين كانت وسيلة لتنفيذ الكذب ، إذ لالوم على الحمير .  فهي غير عاقلة ، وإنما اللوم على المتحمرين